الأربعاء

مكتوب ~ كيف تتبع رسول الله (2)






تحت مجموعةكيف تتبع رسول الله
تاريخ اضافة المقالهجري : 13/11/1428     ---     ميلادي : 22/11/2007
الوثيقة مترجمة الى
الاندونيسية   
تم قراءة المقال10130
أرسل هذه الصفحة الي صديق باللغة
الاندونيسية   
أرسل هذه الصفحة الي صديقطباعة الصفحةتحميل بصيغة ووردBookmark and Share

هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فيِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ
1ـ كان له حزب يقرؤه ولا يَخِلُّ به.
2ـ وكانت قراءته ترتيلاً، لا هَذًّا ولا عجلة بل قراءة مفسرة حرفًا حرفًا.
3ـ وكان يُقَطِّع قراءته ويقف عند كل آية، وكان يرتل السورة حتى تكون أطولَ من أطولِ منها.
4ـ وكان يمد عند حروف المـد، فيمـد {الرَّحْمَنِ}، ويمد  {الرَّحِيم}.
5ـ وكان يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم في أول قراءته فيقول: ((أعوذ بالله من الشيطان الرجيم))، وربما كان يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه)) [صحيح الكلم].
6ـ وكان يقرأ القرآن قائمًا وقاعدًا ومضطجعًا ومتوضئًا ومحدثًا، ولم يكن يمنعه من قراءته إلا الجنابة(1)
7ـ وكان يتغنى بالقرآن، ويقول: ((ليس منا من لم يتغن بالقرآن)) ، وقال: ((زينوا القرآن بأصواتكم)) [صحيح أبي داود].
8ـ وكان يحب أن يسمع القرآن من غيره.
9ـ وكان إذا مر بآية سجدة كَبَّرَ وَسَجَدَ، وربما قال في سجوده: ((سجد وجهيِ للذي خلقه وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سمعَه وبصرَه بحوله وقوته)) [صحيح النسائي]، وربما قال: ((اللهم احطط عني بها وزرًا، واكتب لي بها أجرًا، واجعلها لي عندك ذخرًا، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود)) [صحيح الترمذي]، ولم ينقل عنه أنه كان يكبر للرفع من هذا السجود، ولا تشهد ولا سلم البتة.

*     *     *





(1)ضعفه الشيخ الألباني رحمه الله حديث: ((كان لا يحجبه عن القرآن شيء ليس الجنابة)) لاختلاط أحد رواته، وكذا ضعفه الشافعي وأحمد والبيهقي والخطابي. وقال الحافظ في الفتح: ((وضعف بعضهم بعض رواته، والحق أنه من قبيل الحسن يصلح للحجة)). وصح عند مسلم من حديث عائشة: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه)).



تحت مجموعةكيف تتبع رسول الله
تاريخ اضافة المقالهجري : 13/11/1428     ---     ميلادي : 22/11/2007
الوثيقة مترجمة الى
الاندونيسية   
تم قراءة المقال8648
أرسل هذه الصفحة الي صديق باللغة
الاندونيسية   
أرسل هذه الصفحة الي صديقطباعة الصفحةتحميل بصيغة ووردBookmark and Share

هديُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ في كلامِه وَسُكَوتِهِ وفي حِفْظِهِ المَنْطِق واختيار الألْفَاظِ وَالأسْمَاءِ (1) :

1-  كان صَلى الله عَليه وسَلمْ أفصحَ الخلق وأعذبهم كلامَا وأسرعَهم أداءً وأحلاهم منطقاً .
2-  وكان طويلَ السكوتِ لا يتكلم في غير حاجة ، ولا يتكلم فيما لا يعنيه ، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابَهُ.

3-  وكان يتكلمُ بجوامع الكلمِ ، وبكلامِ مُفَصَّلٍ يعُدُّهُ العادُّ ، ليس بِهَذٍّ مسرعٍ لا يُحْفَظُ ، ولا منقطعٍ تخللهُ السكتاتُ .

4-  وكان يتخيَّرُ في خِطابِهِ ويختارُ لأمتِه أحسنَ الألفاظِ وأبعدها عن ألفاظ أهل الجفاء والفُحْشِ .

5-  وكان يكره أن يُستعمل اللفظ الشريف في حقِّ من ليس كذلك ، وأن يُستعمل اللفظُ المكروه في حقِّ من ليس من أهلِه ، فمنع أن يُقالَ للمنافِق : سَيِّدٌ ، ومَنَعَ تسميةَ أبي جهلٍ : بأبي الحكم ، وأنْ يُقال للسلطانِ : ملكُ الملوكِ أو خليفةُ الله .

6-  وأرشدَ من مسَّهُ شيءٌ من الشيطان أن يقول : باسم الله ، ولا يلعنُهُ أو يَسُبَّهُ ولا يقولُ : تَعِسَ الشيطانُ ، ونحو ذلك .

7-  وكانَ يستحبُّ الاسمَ الحسنَ ، وأَمرَ إذا أبردُوا إليه بريداً أن يكون حَسَنَ الاسمِ ، حسنَ الوجهِ ، وكانَ يأخذُ المعاني من أسمائِها ، ويربطُ بَيْنَ الاسمِ والمُسمَّى .


8- وغيَّر اسم "عاصية" ، وقال : " أنتِ جميلةٌ " ، وغيَّر اسم " أَصْرمَ " : بـ "زُرعةَ " ، ولمَّا قدم المدينة واسمها " يَثْرِب " غيّره " بـ "طِيْبَة " .

9-وكان يُكّنِّي أصحابَه ، ورُبَّما كَنَّى الصغير ، وكنَّى بعض نسائِه .

10- وكان من هديه صَلى الله عَليه وسَلمْ تكنيةُ من له ولدُ ، ومن لا وَلدَ لهُ وقال : " تَسَمَّوْا باسْمِي ، ولاَ تَكنَّوا بكُنْيَتَي " [البخاري ومسلم] .

11- وَنَهَى أَنْ يُهْجرَ اسمُ " العشاءِ " ويَغْلُبُ عليها اسمُ " العتَمًَةِ " ، ونَهَى عن تسمية العنب كَرْماً ، وقال : " الكَرْمُ : قلبُ المؤمنِ " [البخاري ومسلم] .

12- ونهى أن يُقال : مُطرنا بنوءِ كذا ، وما شاء الله وشئت ، وأن يحلف بغير الله ، ومن الإكثار من الحلف ، وأن يقول في حلفهِ : هو يهوديٌ ونحوه إن فعل كذا ، وأن يقول السِّيدُ لمملكوه ، عَبْدِي واَمَتِي ، وأَنْ يقول الرَّجُلُ : خَبُثَت نَفْسِي ،   أو تَعِسَ الشَّيْطَانُ ، وعن قول : اللهمَّ اغْفِرْ لي إِنْ شِئْتَ .

13- ونَهَى عن سبِّ الدَّهرِ ، وعَنْ سَبِّ الرِّيحِ ، وسَبِّ الحُمَّى ، وَسَبِّ الديك ، ومن الدعاء بدعوى لاجاهلية ، كالدُّعاء إلى القبائل والعصبية لها .



(1) زاد المعاد ( 1/175 ، 2/320) .



تحت مجموعةكيف تتبع رسول الله
تاريخ اضافة المقالهجري : 13/11/1428     ---     ميلادي : 22/11/2007
الوثيقة مترجمة الى
الاندونيسية   
تم قراءة المقال8853
أرسل هذه الصفحة الي صديق باللغة
الاندونيسية   
أرسل هذه الصفحة الي صديقطباعة الصفحةتحميل بصيغة ووردBookmark and Share

هديُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ في مَشْيِهِ وَجُلُوسِهِ (1):

1- كان إذا مشى تَكَفَّأَ تَكَفُّؤاً (2)كأنما ينحطُّ (3) مِنْ صَبَبٍ (4)، وكان أسرع َالناسِ مشيةً وأحسنَها وأسكنَها .

2- وكان يمشي حافياً ومتنعلاً .

3- وكان يركبُ الإبلَ والخيلَ ، والبغالَ والحميرَ ، وركبَ الفرس مسرجةً تارةً ، وعُرياً  تارةً ، وكان يُرْدِفُ خلفَه وأمامَه .

4- وكان يجلسُ على الأرض وعلى الحصير وعلى البساط .

5- وكان يتَّكئُ على الوسادَةِ ، ورُبما اتكأ على يسارِهِ ، ورُبَّما اتّكأَ على يمينه .

6- وكان يجلسُ القرفصاء ، وكان يستلقي أحياناً ، ورُبما وضع إحدى رجليه على الأخرى ، وكان إذا احتاج توكَّأَ على بعضِ أصحابه من الضَّعف .

7- ونهى أن يقعد الرجلُ بين الظلِّ والشَّمْسِ .

8- وكَرِه لأهل المجلسِ أن يخلو مجلسُهم من ذكر الله ، وقال : " مَنْ قَعَدَ مَقْعَداً لَمْ يَذْكُر اللهَ فيهِ كانتْ عليه مِنَ اللهِ تِرَةً .. " [أبي داود] . والتِّرَة : الحَسْرَة .

9- وقال : " مَنْ جَلَسَ في مجلسٍ فكثُر فيهِ لَغَطُهُ فقالَ قبلَ أنْ يقومَ مِنْ مجلسهِ : سبحانك اللَّهُمَّ وبحمدكَ ، أشهدُ أنْ لاَ إلَهَ إِلاَّ أَنْتَ ، أستغفرُكَ وأتوبُ إليكَ ، إلاَّ غُفِرَ لَه ما كان في مجلسه ذَلِكَ " [أبي داود والترمذي] .



(1) زاد المعاد ( 1/161) .
(2)  تكفأ : تمايل إلى الأمام .
(3)  ينحطُّ : أي يسقط .
(4)  الصبب : المنحدر من الأرض . والمعنى : كان يمشي مشياً قوياً ويرفع رجليه من الأرض رفعاً بائناً لا كمن يمشي مختالاً .



تحت مجموعةكيف تتبع رسول الله
تاريخ اضافة المقالهجري : 13/11/1428     ---     ميلادي : 22/11/2007
الوثيقة مترجمة الى
الاندونيسية   
تم قراءة المقال6813
أرسل هذه الصفحة الي صديق باللغة
الاندونيسية   
أرسل هذه الصفحة الي صديقطباعة الصفحةتحميل بصيغة ووردBookmark and Share

 هديُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ إذا أشتكي المسلم أو دخل علي مريض

1-  وكان إذا اشتكَى الإنسانُ أو كانت به قُرحة أو جُرحٍ ، وضع سبابته على الأرض ، ثم رفعها وقال : "بِسْمِ اللهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا ، بِريقِهِ بَعْضِنَا يُشْفَى سَقِيمُنا ، بإِذْنِ رَبِّنَا " [البخاري ومسلم] .

2-  وشكى له بعض صحابته وجعاً ، فقال له : " ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ ، وقُلْ : سبع مرات: أعُوذُ بِعِزَّةِ اللهِ وقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وأُحَاذِرُ " [مسلم] .

3-  وكان يُعوِّذُ بعض أهلِه يسمحُ بيدِه اليُمْنى ويقول : "اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبِ البَاسَ ، واشْفِ أَنْتَ الشَّافي، لاَ شِفَاءَ إلاَّ شِفَاؤُكَ ، شِفَاءً لا يُغادِرُ سَقَماً " [البخاري ومسلم] .

4-  وكان إذا دخل على المريض يقول : " لاَ بأسَ طهورٌ إِنْ شاءَ اللهُ " [البخاري] .


([1]) زاد المعاد ( 4/149) .



تحت مجموعةكيف تتبع رسول الله
تاريخ اضافة المقالهجري : 20/02/1430     ---     ميلادي : 15/02/2009
الوثيقة مترجمة الى
الاندونيسية   
تم قراءة المقال6053
أرسل هذه الصفحة الي صديق باللغة
الاندونيسية   
أرسل هذه الصفحة الي صديقطباعة الصفحةتحميل بصيغة ووردBookmark and Share




الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد
في الحديث : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم» إنما يرحم الله من عباده الرحماء « رواه البخاري 
هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟

من رحم الخلق رحمه الخالق
قال صلى الله عليه وسلم » الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء « رواه الترمذي

احرص على تخفيف الشدائد عن الناس ليخفف الله عنك ،قال صلى الله عليه وسلم  : » من فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة« رواه البخاري ، وقال صلى الله عليه وسلم : » من نجى مكروباً فك الله عنه كربة من كرب يوم القيامة « رواه أحمد
أعن الناس على حوائجهم تجد العون من الله ،قال صلى الله عليه وسلم» الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه « وقال صلى الله عليه وسلم» من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته« رواه مسلم
كن للمعسر ميسراً ، ييسر الله عليك قال صلى الله عليه وسلم» من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة « رواه مسلم ، وقال عليه الصلاة والسلام» كان فيمن كان قبلكم تاجر يداين الناس ، فإن رأى معسراً قال لفتيانه : تجاوزوا عنه ، لعل الله يتجاوز عنا ، فتجاوز الله عنه« رواه البخاري
ارفق بعباد الله تشملك دعوة النبي صلى الله عليه وسلم» اللهم من رفق بأمتي فارفق به ، ومن شق عليهم فشق عليه« رواه أحمد ، وقال صلى الله عليه وسلم» إن الله رفيق يحب الرفق ، ويعطي على الرفق مالا يعطي على العنف « رواه مسلم ، وقال عليه الصلاة والسلام» من يحرم الرفق يحرم الخير « رواه مسلم .
استر على الناس يستر الله عليك قال صلى الله عليه وسلم» من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة « رواه مسلم ، وقال عليه الصلاة والسلام» من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة « رواه ابن ماجة
أقل عثرة أخيك ، يقل الله عثرتكقال صلى الله عليه وسلم» من أقال مسلماً أقال الله عثرته « رواه أبو داود .
أطعم المسلمين يطعمك الله ،قال صلى الله عليه وسلم» أيما مؤمن أطعم مؤمناً على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة « رواه الترمذي
اسق المسلمين يسقك الله ،قال صلى الله عليه وسلم» أيما مؤمن سقى مؤمناً على ظمأ سقاه الله يوم القيامة من الرحيق المختوم « رواه الترمذي
اكس المسلمين يكسك الله قال صلى الله عليه وسلم» أيما مؤمن كسا ثوباً على عري كساه الله من خضر الجنة « رواه الترمذي ، فكما تكون لعباد الله ، يكون الله لك، فاختر لنفسك الحالة التي تريد أن يعاملك الله جل وعلا بها ، فعامل عباده بذلك تجد جزاءه .
احذر أن تعذب الناس فيعذبك الله ،قال صلى الله عليه وسلم» إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا « رواه مسلم ، قال عز وجل : وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب " البقرة : 49  " و يوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب " غافر: 46 

الجزاء من جنس العمل ،
يعامل الله عبده كما يعامل العبد عباده ، فعامل عبد الله بما تحب أن يعاملك الله به " وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم "  التغابن : 14
" وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم " النور : 22

إياك والمشقة على عباد الله تصيبك دعوة النبي صلى الله عليه وسلم» اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه ، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به « رواه مسلم
لا تؤذ المسلمين بتتبع عوراتهم ، قال صلى الله عليه وسلم» من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله « رواه الترمذي ، » ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته « رواه ابن ماجة
لاتمسك رحمتك عن الناسفإن النبي صلى الله عليه وسلم قال» من لايرحم الناس لايرحمه الله عز وجل« رواه مسلم ، وقال عليه الصلاة والسلام» لاتنزع الرحمة إلا من شقي « رواه الترمذي

فمهما عاملت العباد بأمر ، وجدته عند رب العباد جزاء وفاقاً .
فكما تدين تدان ، وكن كيف شئت فإن الله تعالى لك كما تكون أنت له ولعباده .

فاحرص وفقك الله على نفع عباد الله ، امتثالا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم» من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل « رواه مسلم ، وأحسن إليهم ، إن الله يحب المحسنين .

كن هيناً لهم ليناً ، سهلاً

فقد قال صلى الله عليه وسلم» حرم على النار كل هين لين سهل قريب من الناس « رواه أحمد
اعف عنهم ،واصفح ، وسامح ، واغفر ، عسى الله أن يعفو عنك ، ويغفر لك ، إن الله لايضيع أجر منأحسن عملا .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .




تحت مجموعةكيف تتبع رسول الله
المحاضرسلمان بن يحي المالكي
تاريخ اضافة المقالهجري : 13/08/1430     ---     ميلادي : 04/08/2009
الوثيقة مترجمة الى
الاندونيسية   
تم قراءة المقال4469
أرسل هذه الصفحة الي صديق باللغة
الاندونيسية   
أرسل هذه الصفحة الي صديقطباعة الصفحةتحميل بصيغة ووردBookmark and Share

هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تربية الزوجة

 لقد أمرنا الله تعالى برعاية الأهل والقيام عليهم، وأخبرنا أن القيامَ عليهم وأمرُهم بالمعروف ونهيُهم عن المنكر هو وقايةٌ لهم من عذاب الله، فقال جل وعلا " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ" وتقع المسؤوليةُ على كل ذي مسئوليةٍ أيا كان من زوج أو أب أو أخ أو راعٍ يقومُ على رعايةِ أهله، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إن الله سائلٌ كلَّ راعٍ عما استرعاه، أحفِظ ذلك أم ضيع، حتى يسألَ الرجلْ على أهل بيته" [رواه النسائي] فأهلُ بيتك أيها المسلمُ هي مسئوليةٌ ستسأل عنها يوم القيامةِ وتحاسبُ على التقصير فيها، لأنها أمانةٌ من ضمن الأماناتِ التي حُمِّلتهَا ونأت عن حملها السماواتِ والأرضِ والجبال، عباد الله: إن الأسرةَ المسلمةَ ترتكز في بدايتها على شخصين كريمين، الزوجُ والزوجة، ونظراً في التفريطِ الواضحِ في تربيةِ الزوجاتِ من قِبَل أزواجهن وكثرةِ إهمالهن والتفريطِ في شؤونهن الدينيةِ والتقصيرِ في تعليمهن، شاعت الفواحشُ في كثير من الزوجات، وانتشرت المنكراتُ في حياتهن، وكثُرة الخيانات مع أزواجهن، وعمّ الجهل في أوساطهن، وما ذاك إلا بسبب تفريطِ الرجالِ في تعليمهنِ أمورَ دينهن.




لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم زوجاتهِ أمورَ العقيدة، ويخبرهن بتوحيد الله وعظمته سبحانه، كان عليه الصلاة والسلام فيما يقول لعائشةَ رضي الله عنها " مَنْ حُوسِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُذِّبَ، فتقول له عائشة: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ" فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً؟" أي كيف تقولُ يا رسولَ الله من حوسب يوم القيامةِ عُذِّب، والله يقول عن صاحب اليمين الذي يُؤتَى كتابه بيمينه " فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً " فيقول النبي صلى الله عليه وسلم موضحاً ومعلماً وشارحاً لها أمرا من أمور العقيدة " لَيْسَ ذَاكِ الْحِسَابُ، إِنَّمَا ذَاكِ الْعَرْضُ، مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُذِّبَ" وكان مما يعلمه عليه الصلاة والسلام لزوجاته الأذكارْ والاستعاذةَ من الشرور كأذكار الصباح والمساء، وكيف تستعيذُ بالله من الشرور، عن عائشة رضي الله عنها قالت: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ثم أشار إلى القمر، فقال: يا عائِشَةُ اسْتَعِيذِي بالله مِنْ شَرِّ هذا، فإنَّ هذا هوَ الغاسقُ إذا وَقَبَ " [رواه أحمد] لقد فسر لها تلك الآية من سورة الفلق " وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ " وأوضح لها المراد لما أخذ بيدها وأشار إلى هذا القمر، وأنه آية الليل في السماء، وأمرها أن تستعيذ بالله من شره؛ فإن الشرور تحدث في الليل كما تحدث في النهار، وكان يربي صلى الله عليه وسلم نسائه على الخوف من الله تعالى فإذا ظهر سحاب في السماء أو أقبلت ريح من هنا وهاهنا دخل وخرج وتغير لونه وانزعج، تقول عائشة رضي الله عنها " وَكَانَ إِذَا رَأَى غَيْماً أَوْ رِيحاً، عُرِفَ ذلِكَ فِي وَجْهِهِ، فتقول له: يَا رَسُولَ اللّهِ أَرَى النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْغَيْمَ فَرِحُوا رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْمَطَرُ وَأَرَاكَ إِذَا رَأَيْتَهُ عَرَفْتُ فِي وَجْهِكَ الْكَرَاهِيَةَ ؟ فبماذا كان رده صلى الله عليه وسلم؟ لقد انتهز هذا السؤال ليخوفها بالله، ويبين لها كيف يكون المؤمنُ في عدم أمنه من مكر الله، فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ مَا يُؤَمِّنُنِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ، قَدْ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ، وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ الْعَذَابَ فَقَالُوا" هذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا"[رواه مسلم]




وهكذا يكون تخويف الزوجة بالله، وتوضيحُ عذابِ الله لها، وأن المسلمَ لا يأمن مكر الله جل وعلا، وحتى لا تستعجلَ الزوجةُ في الإجابة عن شيء أو تتسرعْ في الحكم على شيء كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تربيته لزوجاته تحذيرهِن من القول على الله بغير علم، وهنا يعلِّم الزوج زوجته مفهوماً مهماً من المفاهيم الإسلاميةِ وقاعدةً من القواعد العظيمة في الدين، وهي: عدمُ جوازِ القولِ على الله بغير علم، أو الحكمِ على الأشياء بغير دليل شرعي، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: دُعِيَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى جَنَازَةِ صَبِي مِنَ الأَنْصَارِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ طُوبَى لِهَذَا عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ لَمْ يَعْمَلِ السُّوءَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ، قَالَ: أَوَ غَيْرَ ذلِكَ، يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللّهَ خَلَقَ لِلْجَنَّةِ أَهْلاً، خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلاَبِ آبَائِهِمْ، وَخَلَقَ لِلنَّارِ أَهْلاً، خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلاَبِ آبَائِهِمْ" [رواه مسلم] قال الإمام النووي: أجمع علماء المسلمين على أن من مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة، والجواب عن هذا الحديث أنه لعله نهاها عن المسارعة إلى القطع من غير دليل أو قال ذلك قبل أن يعلم أن أطفال المسلمين في الجنة" ونظراً لكثرة آفات اللسان عند النساء؛ فإن على الزوجِ المسلمِ أن يراعي ذلك في زوجته، فإن الله تعالى قد ذكرهن داخلاتٍ في القوم وذكرهن منفصلاتٍ عنهم فقال جل وعلا " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ " فهؤلاء النساءِ داخلاتٍ في القوم، ثم كرر التنبيه سبحانه وخصهن بالنهي أيضاً، ولذلك ترى الغيبةَ والنميمةَ في أوساط النساء كثيرة، فماذا فعلْتَ أيها الزوجُ في موعظةِ ومقاومةِ هذه الأخلاق الرديئة؛



إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يرضى من زوجاته شيئاً ولو كان قليلاً يسيراً، جاء في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا، تَعْني قَصِيرَةً [ولم يكن الباعثُ لكلامها الازدراءُ والسخرية وإنما كان الغيرة] فقَالَ لها موجها ومؤدبا ومحذرا: لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَت بِهَا الْبَحْرُ لَمَزَجَتْهُ[ لمزجته وطغت عليه من شدة وعظم هذه الكلمة] قالت: وَحَكَيْتُ لَهُ إِنْسَاناً [ أي أنها مثلت له حركة أو قولاً ] فقالَ: مَا أُحِبُّ أَنَّي حَكَيْتُ إِنْسَاناً وَإِنَّ لِي كَذَا وكَذَا" [ أي ما يسرني أن أتحدث بعيبه" [ رواه أبو داود] وروى النسائي بإسناد صحيح في كتاب عشرة النساء، عن أنس رضي الله عنه قال: بلغ صفية أن حفصة قالت: ابنةُ يهودي [ أي أن حفصة قالت لصفية هي ابنةُ يهودي ] فبكت صفية، فدخل عليها النبيّ صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فقال: ما يُبكيك؟ قالت: قالت لي حفصة: أني ابنة يهودي، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: إنك لابنة نبي، وإن عمك نبي، وإنك لتحت نبي [ أي: إنك من سلالة موسى وهارون، فجدك موسى نبي، وأخوه هارونَ عمك نبي، وإنك لتحت نبي صلى الله عليه وسلم ] فبم تفخر عليك، ثم قال: اتقي الله يا حفصة " [ رواه النسائي ]




هذا هو النبي صلى الله عليه وسلم في تعليمه لزوجاته وكيف يكون الموقف ممن زلَّ لسانها في حق أختها، ولو كان الدافع قوياً، ومما ينبغي على الزوجِ المسلم في تربية لزوجته: مقاومةَ ما يحصل لديها من المنكرات، مما تتخذه من اللباس أو الزينة ونحوِ ذلك، فقد روى البخاري رحمه الله تعالى عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أنها اشترت نمرقة [ أي ستارة ] فيها تصاوير [ من ذوات الأرواح ] فلما رآها النبي صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل، فعرفت عائشة في وجهه الكراهية، فقلت: يا رسول الله! أتوب إلى الله وإلى رسوله، ماذا أذنبت؟ قال: ما بال هذه النمرقة؟ فقالت: اشتريتها لتقعد عليها وتتوسدها، فقال عليه الصلاة والسلام: إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم، ثم قال: إن البيت الذي فيه صور لا تدخله الملائكة " وهكذا أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة بالفعل والقول، وليس بالضرب كما يفعل بعض الأزواج أو بتقبيح الوجه أو بالكلام الفاحش البذيء، وقارنوا يا عباد الله بين هذه التصرفات النبوية الشريفة اللبيبة، وبين ما يفعله بعض الناس اليوم، عندما يذهبون بزوجاتهم إلى السوق فيتركونهن في السوق ويعطونهن الأموال بناءً على طلبهن ورغبتهن، ثم تشتري المرأةُ ما تشتري من غير رقيب ولا حسيب من الأمور التي فيها منكراتٌ ومحرمات، من الألبسةِ التي فيها التصاويرِ أو صلبان، أو الآنية المطلية بالذهب والفضة، أو التماثيلِ من ذوات الأرواح لتوضع في البيوت للزينة، أو غيرِ ذلك من الأمور المحرمة، التي قد تُزين بها المرأةُ بيتها، والزوج ساكتٌ، بل إنه لا ينتبه فضلاً عن أن ينظر ويدقق،



وليس هناك متابعةٌ ولا محاسبة، بل لم تعد القضيةُ قضيةَ تصاويرٍ منقوشةٍ أو مرسومة، لقد تعدت المسألةُ إلى أمور محرمةٍ تدخُلِ البيوت، أمورٍ فيها إهدارٌ للعرض الذي صانه الله، والشرفِ والكرامة التي جاءت بهما الشريعة، أمورٌ فيها إفساد للأولاد والبيت عموماً، أشياءٌ من اللهو المحرم الذي يبعث عليه الشيطان، كل ذلك يدخل بيت الزوج عن طريق الزوجة أو غيرها، ولا يحرك ساكناً، ولا يمنع منكراً، فما هذه العيشة؟! وأي حياةٍ هذه؟! وعلى أيِّ شيء تقوم الأسرة ؟ " أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ" لقد كان رسول الله عليه وسلم يربي زوجاته على العبادة، كان يوقظهن صلى الله عليه وسلم ويقول" أيقظوا صواحب الحجرات، أيقظوهن، ربَّ كاسيةٍ في الدنيا عاريةٍ يوم القيامة" هكذا كان ينذر عليه الصلاة والسلام ويخوف، كان بيته شعلةً من النشاط الدائم في طاعة الله .. ذكرٌ بالنهار، وقيامٌ بالليل.. والآيات تتنزل على بيته وحجراته" وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ " وكانت المتابعة على العبادة، سواءٌ كانت بدنية أو مالية، فيقول عليه الصلاة والسلام " يا عائشة ! لا تحصي فيحصي الله عليك، ولا توعي فيوعي الله عليك " أي :لا تبخلي بالصدقة وتمنعيها، إذاً: كانت المتابعة حتى في قضايا المستحبات، وليس فقط في قضايا الواجبات أو النهيِ عن المحرمات فقط، وكان صلى الله عليه وسلم يراعي أمور اللسان وفلتاته، حتى قضايا الفحش في الأعداء، فقد جاء في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: أنَّ اليهودَ أتوُا النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: السامُ عليك، قال: وعليكم، فقلت: السامُ عليكم ولعنَكمُ اللَّهُ وغَضِبَ عليكم، فقال رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم: مَهلاً يا عائشة، عليكِ بالرفق، وإياكِ والعُنف أَوِ الفُحش،قالت: أوَ لم تَسمعْ ما قالوا؟ قال: أَوَ لم تَسمعي ما قلتُ؟ ردَدْتُ عليهم، فيُستجابُ لي فيهم، ولا يُستَجاب لهم فيَّ " [رواه البخاري]



فحتى في الأعداء لا يكون الإنسان فاحشاً ولا متفحشاً إلا فيما دعت إليه المصلحة الشرعية الواضحة، كما حصل في بعض المواقف، أما أن يُطلق الإنسان لسانه في كل شيء فهذا مذموم، فالتُنَبَّه الزوجة حتى لا تكون متفحشةً في القول فتكونَ مذمومة أو مكروهة مبغوضة من خلق الله منبوذة، لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتني في ظل ما يعتني به الغيرة، والغيرة أمر طبعي عند النساء، وهي: الحمية والأنفة، وقد كانت تربيته صلى الله عليه وسلم لزوجاته في قضيةِ الغيرة تربيةً عظيمة، تدل على حكمته صلى الله عليه وسلم، وعلاجِه للأمور بالرفق والتأني، فعن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم عند إحدى أمهات المؤمنين، فأرسلت إليه أخرى بصحفة فيها طعام، وكان صلى الله عليه وسلم عند عائشة، فضربت عائشةُ يدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقطت الصحفة فانكسرت، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الكسرتين فضم إحداهما إلى الأخرى، فجعل يجمع فيها الطعام الذي انسكب على الأرض، ويقول عليه الصلاة والسلام لمن معه" غارت أمكم، غارت أمكم، كلوا"



فهذا تعليقه صلى الله عليه وسلم، غارت أمكم, إنه غاية العدل والهدوء والاتزان منه صلى الله عليه وسلم في علاج هذا الأمر، لقد كان صلى الله عليه وسلم يراعي زوجاته، ويدقق في الملاحظة والعبارة والكلمات، كان يراعي مشاعر الزوجة ويعرف هل الزوجةُ راضيةٌ عليه أم ساخطة، هل هي متضايقة أو مسرورة، لم يكن عليه الصلاة والسلام من نوع الرجال الذي لا يبالي بزوجته، أرضيت أم سخطت، أفرحت أم اغتمت، كلا! بل إنه صلى الله عليه وسلم كان يتابع كل هذا في بيته ومع زوجاته، هاهو يقول لعائشة رضي الله عنها " إِنِّي لأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً ، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى قَالَتْ: فَقُلْتُ: وَمِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذلِكَ؟ قَالَ: أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لاَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنتِ غضْبَى قُلتِ: لاَ. وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ، قَالَتْ: قُلْتُ: أَجَلْ وَاللّهِ يَا رَسُولَ اللّهِ مَا أَهْجُرُ إِلاَّ اسْمَكَ" [رواه البخاري] وكان عليه الصلاة والسلام له مواقف طريفةٌ مع زوجاته في هذه المراعاة، كما حدَّث النعمان بن بشير قال: استأذن أبو بكر على النبيّ صلى الله عليه وسلم، فسمع صوت عائشة عالياً، وهي تقول: والله لقد علمت أن علياً أحب إليك من أبي، فأهوى إليها أبو بكر ليلطمها، وقال: يا ابنة فلانة! أراك ترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فأمسكه رسول الله، وخرج أبو بكر مغضباً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة! كيف رأيتني أنقذتك من الرجل؟ ثم استأذن أبو بكر بعد ذلك، وقد اصطلح رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائشة فقال: أدخلاني في السلم كما أدخلتماني في الحرب، فقال رسول الله: قد فعلنا" [رواه النسائي]




وقد كان من مراعاته لزوجاته عليه الصلاة والسلام: إباحةُ اللهو البريء والمتعةِ المباحة للزوجة.. فكان يلاعبهن ويسامرهن ويلاطفهن، وكان يُسرِّب إلى عائشة جواري صغيراتِ السنِ في مثلِ سنها، فيلعبن معها باللعب، وكان عليه الصلاة والسلام يتحاشا تنفير هؤلاء الضيوف من عند زوجته، وسابق زوجته صلى الله عليه وسلم، هكذا كانت ملاطفته عليه الصلاة والسلام لزوجته، وهي جزء من تربيته عليه الصلاة والسلام، فكان يراعي كل ذلك، اللهم اجعلنا من القائمين بحقوق أهلينا، الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر .




إن هذا التقصير الذي يوجد من قبلنا في حقوق أهلينا أمر مؤسف، يعود ضرره ووباله علينا، فكم من إنسان أرْدَتْه زوجته المهالك! وكم من إنسان جرته زوجته إلى الفتن والمحرمات! فينجرُّ إلى المهلكة ويكون عبداً لزوجته، فلا يكون الزوج قاسياً فظاً غليظاً، ضرابا لنسائه مقبحا الوجه كاسرا العظم، ولكن لتكن التربيةُ تربيةَ النبي صلى الله عليه وسلم فهذه السنة ، وهذه معالمه ظاهرةً بينة، فعليك الاتباع، والأخذ بهذه السنن، والقيام على الأهل، والاحتساب عليهم في إنكار المنكرات، وأمرهم بالمعروف والعبادة والتقوى والطاعة، والحج والعمرة والصدقة، ومتابعتهم في الصلاة .




تحت مجموعةكيف تتبع رسول الله
تاريخ اضافة المقالهجري : 13/08/1430     ---     ميلادي : 04/08/2009
الوثيقة مترجمة الى
الاندونيسية   
تم قراءة المقال2133
أرسل هذه الصفحة الي صديق باللغة
الاندونيسية   
أرسل هذه الصفحة الي صديقطباعة الصفحةتحميل بصيغة ووردBookmark and Share

هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فيِ الْخُرُوجِ لِلْقِتَالِ:


1ـ كان يستحب القتال أول النهار، فإذا لم يقاتل أول النهار أَخَّرَ القتال حتى تزول الشمس وتهب الرياح.

2ـ وكان يحب الخروج يوم الخميس بكرة النهار.

3ـ وكان يبايع أصحابه في الحرب على أن لا يفروا، وربما بايعهم على الموت، وبايعهم على الجهاد كما بايعهم على الإسلام.

4ـ وكان يشاور أصحابه في الجهاد، ولقاء العدو، وتخيُّر المنازل.

5ـ وكان يتخلف في ساقتهم في المسير، فيزجي الضعيف ويردف المنقطع، وكان أرفق الناس بهم في المسير.





6ـ وكان إذا أراد غزوة ورَّى بغيرها، ويقول: ((الحرب خدعة)) .

7ـ وكان يبعث العيون يأتون بخبر عدوه، ويطلع الطلائع، ويبيِّتُ الحرس.

8ـ وكان إذا لقي عدوه وقف ودعا واستنصر الله، وأكثر هو وأصحابه من ذكر الله، وخفضوا أصواتهم.

9ـ وكان يلبس للحرب عدته، وربما ظاهر بين درعين، وكان يلبس الدرع والخوذة ويتقلد السيف، ويحمل الرمح والقوس، ويتترس بالترس.

10ـ وكان يرتب الجيش والمقاتلة، ويجعل في كل جنبةٍ كفئًا لها، وكان يُبارَزُ بين يديه بأمره.






11ـ وكان العسكر إذا نزل انضم بعضهم إلى بعض، حتى لو بسط عليهم كساء لَعَمَّهُم.

12ـ وكان يرتب الصفوف ويعبئهم عند القتال بيده، ويقول: تقدم يا فلان، تأخر يا فلان.

13ـ وكان يستحب للرجل أن يقاتل تحت راية قومه.

14ـ وكان إذا ظهر على قوم نزل بعرصتهم ثلاثًا ثم قفل.

15ـ وكان إذا أراد أن يُغِير انتظر، فإن سمع في الحي أذانًا، لم يُغِرْ وإلا أغار.






16ـ وكان ربما يبيِّت عدوَّه، وربما فاجأهم نهارًا.

17ـ وكان إذا لقي العدو يقول: ((اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم)) [ق]، وربما قال: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ(45)بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} ، وكان يقول: ((اللهم أنزل نصرك)) ويقول: ((اللهم أنت عضدي وأنت نصيري، وبك أقاتل)).

18ـ وكان إذا اشتد الناس اتقوا به، وكان أقربهم للعدو.

19ـ وكان إذا قصده العدو يُعْلِم نفسه، ويقول: ((أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب)) .

20ـ وكان يجعل لأصحابه شعارًا في الحرب يُعرفون به إذا تكلموا، وكان شعاره مرة: ((أمت أمت))، ومرة:((حم لا ينصرون)).






21ـ وكان يحب الخيلاء في الحرب.

22ـ وكان يتخذ الحرس، فلما نزل قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [لمائدة: 67]، خرج على الناس فأخبرهم بها، وصرف الحرس
.
23ـ وكان إذا بعث سرية يوصيهم بتقوى الله، ويقول: ((سيروا بسم الله وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، ولا تمثلوا ولا تغدروا، ولا تقتلوا وليدًا))

24ـ وكان ينهى عن قتل النساء والصبيان.

25ـ وكان يأمر أمير السرية أن يدعو عدوه قبل القتال، إما إلى الإسلام والهجرة، أو الإسلام دون الهجرة، ويكونون كأعراب المسلمين، ليس لهم نصيب في الفيء، أو بذل الجزية، فإن هم أجابوا إليه قَبِلَ منهم، وإلا استعان بالله وقاتلهم.





26ـ وقاتل مرة بالمنجنيق، فنصبه على أهل الطائف.

27ـ وكان ينهى في مغازيه عن النهبة والمثلة. والمثلة: تشويه الجسد قبل القتل أو بعده.

28ـ وكان ينهى عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو.





تحت مجموعةكيف تتبع رسول الله
المحاضرمسير الظفيري
تاريخ اضافة المقالهجري : 27/08/1430     ---     ميلادي : 18/08/2009
الوثيقة مترجمة الى
الاندونيسية   
تم قراءة المقال4782
أرسل هذه الصفحة الي صديق باللغة
الاندونيسية   
أرسل هذه الصفحة الي صديقطباعة الصفحةتحميل بصيغة ووردBookmark and Share

هديه صلى الله عليه وسلم في الكلام
 




     قال معاذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم : وهل نؤاخذ بما تكلمت به ألسنتنا ؟ قال : فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذ معاذ ثم قال : " يا معاذ ثكلتك أمك وهل يكب الناس على مناخرهم في جهنم إلا ما نطقت به ألسنتهم فمن كان يؤمن بالله واليوم والآخر فليقل خيراً أو يسكت عن شر. قولوا خيراً تغنموا واسكتوا عن شر تسلموا ".[1]
     " فبهذا المخلوق الصغير يعبر الإنسان عن بغيته ويفصح عن مشاعره به يطلب حاجته ويدافع عن نفسه ويعبر عن مكنون فؤاده .... بحادث جليسه ويؤانس رفيقه وبه السقطة والدنو والرفعة والعلو " [2] ، قال صلى الله عليه وسلم : " من يضمن لي ما بين لحييه وما بين فخذيه أضمن له الجنة ".[3]
قال الشاعر :

احذر لسانك أيها الإنسان *** لا يلدغنـك إنـه ثعبـان
والله إن الموت زلة لفظـة *** فيها الهلاك وكلها خسران
     " كم من صائم أفسد صومه يوم فسد لسانه وساء منطقه واختل لفظه ؟ ليس المقصود من الصيام الجوع و الظمأ بل التهذيب والتأديب . في اللسان أكثر من عشرة أخطاء إذا لم يتحكم فيه . من عيوبه الكذب والغيبه والنميمة والبذاء والسب والفحش والزور واللعن والسخرية والاستهزاء وغيرها "[4] ، والمسلم الحق هو كما قال صلى الله عليه وسلم " من سلم المسلمون من لسانه ويده "[5]
وقال صلى الله عليه وسلم : " إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لايلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لايلقي لها بالا يهوي بها في جهنم " [6]والعياذ بالله .




 إذا ماهو هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الكلام ؟


هديه صلى الله عليه وسلم في الكلام هو :
أولاً : أنه نهى عن الصمت إلى الليل عن علي  رضي الله عنه  قال : " حفظت عن رسول  صلى الله عليه وسلم : لا يتم بعد احتلام ولاصمات يوم إلى الليل "[7] ، أي سكوت يوم إلى الليل.



ثانياً: كان صلى الله عليه وسلم طويل الصمت " عن جابر بن سمره  رضي الله عنه  قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم طويل الصمت قليل الضحك " [8] .
كيف نوفق بين الأول والثاني ؟
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر من الصمت ويتكلم عند الحاجة .


ثالثاً : من صفات كلامه صلى الله عليه وسلم :


أولاً: أنه أوتي جوامع الكلم : قال صلى الله عليه وسلم : " بعثت بجوامع الكلم ونصرت بالرعب"[9].
والمقصود بجوامع الكلم : قال النووي رحمه الله ، قال الهروي : يعني به القرآن الكريم ، جمع الله تعالى في الألفاظ اليسيرة منه المعاني الكثيرة وكلامه صلى الله عليه وسلم كان بالجوامع قليل اللفظ كثير المعاني .[10]

ثانياً: عن أنس  رضي الله عنه  قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعيد الكلمة ثلاثة لتعقل عنه " [11]

ثالثاً: عن عائشة رضي الله عنها قالت : " ماكان رسول صلى الله عليه وسلم يسرد كسردكم هذا ولكنه كان يتكلم بكلام بين فضل يحفظه من جلس إليه " [12] ، وقالت : كان كلامه صلى الله عليه وسلم كلاماً فصلاً يفهمه كل من سمعه " [13]
والمقصود بالفصل هو : " عدم الموالاة بين الجمل بل يفصل بعضها عن بعض " [14]


رابعاً: وعنها رضي الله عنها قالت " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث حديثاً لو عدّه العاد لأحصاه "[15] كناية عن عدم كثرة الحديث.


خامساً: عن جابر بن عبد الله  رضي الله عنهما  قال " كان في كلامه ترتيل أو ترسيل " [16]، أي لا يعجل بكلامه صلى الله عليه وسلم .


سادساً: عن جابر  رضي الله عنهما  أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قال : " إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون ، قالوا يا رسول الله قد علمنا : الثرثارون والمتشدقون ، فما المتفيهقون ؟ قال : المتكبرون." [17]
الثرثار : كثير الكلام تكلفاً.
المتشدق : المتطاول على الناس بكلامه ويتكلم بملء فيه تفاصحاً وتعظيماً لكلامه.
المتفيهق : من الفهق وهو الامتلاء وهو الذي يملأ فمه بالكلام ويتوسع فيه ويغرب به تكبراً وارتفاعاً وإظهاراً للفضيلة على غيره.


سابعاً : حذر صلى الله عليه وسلم من بعض الأمور :

أولاً : وكالة يقولون ( الإشاعات ): قال أبو مسعود لأبي عبد الله أو قال أبو عبد الله لأبي مسعود : " ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في : زعموا ؟ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :     " بئس مطية الرجل زعموا " [18]، وقال صلى الله عليه وسلم : " كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع "[19].
قال الإمام النووي رحمه الله : " وأما معنى الحديث والآثار التي في الباب ففيها الزجر عن التحديث بكل ما سمع الإنسان فإنه يسمع في العادة الصدق والكذب فإذا حدث بكل ما سمع فقد كذب لإخباره بما لم يكن وقد تقدم أن مذهب أهل الحق أن الكذب الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو ولا يشترط فيه التعمد لكن التعمد شرط في كونه إثماً والله أعلم ".[20]
قال مالك رحمه الله : " أعلم أنه ليس يسلم رجل حدث بكل ما سمع ولا يكون إماماً أبداً وهو يحدث بكل ما سمع " [21]، قال النووي رحمه الله : فمعناه أنه إذا حدث بكل ما سمع كثر الخطأ في روايته فترك الاعتماد عليه والأخذ عنه ." [22]


ثانياً: عن رجل قال : كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم فتعثرت دابته فقلت : تعس الشيطان فقال : " لا تقل تعس الشيطان فإنك إذا قلت ذلك تعاظم حتى يكون مثل البيت ويقول : بقوتي ، ولكن قل : بسم الله ، فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتى يكون مثل الذباب." [23]
ثالثاً: عن أبي هريرة  رضي الله عنه  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إذا قال الرجل : هلك الناس فهو أهلكهم "[24]  قال مالك : إذا قال ذلك تحزنا لما يرى في الناس – يعني في أمر دينهم – فلا أرى به بأساً وإذا قال ذلك عجباً وتصاغراً للناس فهو المكروه الذي نهى عنه.[25]

----------------------------------------------
[1]  الصحيحة 413 .
[2]   40 درساً لمن أدرك رمضان لعبدالملك القاسم ص 83.
[3]  أخرجه البخاري.
[4] ثلاثون درساً للصائمين لعائض القرني ص 30-31 .
[5]  صحيح الجامع الصغير 6709 وهو صحيح .
[6]  رواه البخاري .
[7]  أبو داوود بإسناد حسن.
[8]  أحمد وحسنه الألباني.
[9]  رواه الشيخان .
[10]  شرح مسلم 5/5 .
[11]  رواه البخاري.
[12]  رواه الشيخان.
[13]  رواه أحمد وأبو داوود وحسنه الألباني.
[14]  أشرف الوسائل إلى فهم الشمائل لابن حجر الهيتمي بتصرف ص 3.3 .
[15]  رواه الشيخان وأبو داود.
[16]  رواه أبو داود وحسنه الألباني .
[17]  رواه الترمذي وصححه الألباني.
[18]  صحيح أبو داود4610 .
[19]  مسلم .
[20]  شرح مسلم 1/75.
[21]  مسلم 5 باب النهي عن الحديث بكل ما سمع .
[22]  شرح مسلم 1/75 .
[23]  رواه أبو داود وصححه الألباني .
[24]  مسلم وأبو داود .
[25]  صحيح أبو داود 4169.




تحت مجموعةكيف تتبع رسول الله
تاريخ اضافة المقالهجري : 01/10/1430     ---     ميلادي : 20/09/2009
تم قراءة المقال1393
أرسل هذه الصفحة الي صديقطباعة الصفحةتحميل بصيغة ووردBookmark and Share

الحمد لله المتفضِّل بالنِّعم، وكاشف الضرَّاء والنِّقم، والصلاة والسلام على النبي الأمين، وآله وأصحابه أنصار الدين. وبعد:

أخي المسلم: لا شك أن المسلم مطالب بالمداومة على الطاعات، والاستمرار في الحرص على تزكية النفس.

ومن أجل هذه التزكية شُرعت العبادات والطاعات، وبقدر نصيب العبد من الطاعات تكون تزكيته لنفسه، وبقدر تفريطه يكون بُعده عن التزكية.

لذا كان أهل الطاعات أرق قلوباً، وأكثر صلاحاً، وأهل المعاصي أغلظ قلوباً، وأشد فساداً.

والصوم من تلك العبادات التي تطهِّر القلوب من أدرانها، وتشفيها من أمراضها.. لذلك فإن شهر رمضان موسمٌ للمراجعة، وأيامه طهارة للقلوب.

وتلك فائدة عظيمة يجنيها الصائم من صومه، ليخرج من صومه بقلب جديد، وحالة أخرى.

وصيام الستة من شوال بعد رمضان، فرصة من تلك الفرص الغالية، بحيث يقف الصائم على أعتاب طاعة أخرى، بعد أن فرغ من صيام رمضان.

وقد أرشد أمته إلى فضل الست من شوال، وحثهم بأسلوب يرغِّب في صيام هذه الأيام..

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر» [رواه مسلم وغيره].

قال الإمام النووي رحمه الله : قال العلماء: ( وإنما كان كصيام الدهر، لأن الحسنة بعشر أمثالها، فرمضان بعشرة أشهر، والستة بشهرين..).

ونقل الحافظ ابن رجب عن ابن المبارك: ( قيل: صيامها من شوال يلتحق بصيام رمضان في الفضل، فيكون له أجر صيام الدهر فرضاً).

أخي المسلم: صيام هذه الست بعد رمضان دليل على شكر الصائم لربه تعالى على توفيقه لصيام رمضان، وزيادة في الخير، كما أن صيامها دليل على حب الطاعات، ورغبة في المواصلة في طريق الصالحات.

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله : ( فأما مقابلة نعمة التوفيق لصيام شهر رمضان بارتكاب المعاصي بعده، فهو من فعل من بدل نعمة الله كفراً ).

أخي المسلم: ليس للطاعات موسمٌ معين ، ثم إذا انقضى هذا الموسم عاد الإنسان إلى المعاصي!

بل إن موسم الطاعات يستمر مع العبد في حياته كلها، ولا ينقضي حتى يدخل العبد قبره..

قيل لبشر الحافي رحمه الله : إن قوماً يتعبدون ويجتهدون في رمضان. فقال: ( بئس القوم قوم لا يعرفون لله حقاً إلا في شهر رمضان، إن الصالح الذي يتعبد ويجتهد السنة كلها).

أخي المسلم: في مواصلة الصيام بعد رمضان فوائد عديدة، يجد بركتها أولئك الصائمون لهذه الست من شوال.

وإليك هذه الفوائد   من كلام الحافظ ابن رجب - رحمه الله -:

إن صيام ستة أيام من شوال بعد رمضان يستكمل بها أجر صيام الدهر كله.

إن صيام شوال وشعبان كصلاة السنن الرواتب قبل الصلاة المفروضة وبعدها، فيكمل بذلك ما حصل في الفرض من خلل ونقص، فإن الفرائض تكمل بالنوافل يوم القيامة.. وأكثر الناس في صيامه للفرض نقص وخلل، فيحتاج إلى ما يجبره من الأعمال.

إن معاودة الصيام بعد صيام رمضان علامة على قبول صوم رمضان، فإن الله تعالى إذا تقبل عمل عبد، وفقه لعمل صالح بعده، كما قال بعضهم: ثواب الحسنة الحسنة بعدها، فمن عمل حسنة ثم أتبعها بحسنة بعدها، كان ذلك علامة على قبول الحسنة الأولى، كما أن من عمل حسنة ثم أتبعها بسيئة كان ذلك علامة رد الحسنة وعدم قبولها.

إن صيام رمضان يوجب مغفرة ما تقدم من الذنوب، كما سبق ذكره، وإن الصائمين لرمضان يوفون أجورهم في يوم الفطر، وهو يوم الجوائز فيكون معاودة الصيام بعد الفطر شكراً لهذه النعمة، فلا نعمة أعظم من مغفرة الذنوب، « كان النبي صلى اله عليه وسلم إذا صلى، قام حتى تفطر رجلاه. قالت عائشة : يا رسول الله ! أتصنع هذا، وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال : يا عائشة ! أفلا أكون عبدا شكورا » [ رواه مسلم ]

وقد أمر الله - سبحانه وتعالى - عباده بشكر نعمة صيام رمضان بإظهار ذكره، وغير ذلك من أنواع شكره، فقال: {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [البقرة:185]

فمن جملة شكر العبد لربه على توفيقه لصيام رمضان، وإعانته عليه، ومغفرة ذنوبه أن يصوم له شكراً عقيب ذلك.

كان بعض السلف إذا وفق لقيام ليلة من الليالي أصبح في نهارها صائماً، ويجعل صيامه شكراً للتوفيق للقيام.

وكان وهيب بن الورد يُسأل عن ثواب شيء من الأعمال كالطواف ونحوه، فيقول: لا تسألوا عن ثوابه، ولكن سلوا ما الذي على من وفق لهذا العمل من الشكر، للتوفيق والإعانة عليه.

كل نعمة على العبد من الله في دين أو دنيا يحتاج إلى شكر عليها، ثم التوفيق للشكر عليها نعمة أخرى تحتاج إلى شكر ثانٍ، ثم التوفيق للشكر الثاني نعمة أخرى يحتاج إلى شكر آخر، وهكذا أبداً فلا يقدر العباد على القيام بشكر النعم.
وحقيقة الشكر الاعتراف بالعجز عن الشكر.

إن الأعمال التي كان العبد يتقرب يها إلى ربه في شهر رمضان لا تنقطع بانقضاء رمضان بل هي باقية بعد انقضائه ما دام العبد حياً..

كان النبي - صلى الله عليه وسلم - عمله ديمة.. وسئلت عائشة - رضي الله عنها -: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يخص يوماً من الأيام؟ فقالت: لا ، كان عمله ديمة.
وقالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يزيد في رمضان و لا غيره على إحدى عشرة ركعة، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقضي ما فاته من أوراده في رمضان في شوال، فترك في عام اعتكاف العشر الأواخر من رمضان، ثم قضاه في شوال، فاعتكف العشر الأول منه .

فتاوى تتعلق بالست من شوال

سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله -: هل يجوز صيام ستة من شوال قبل صيام ما علينا من قضاء رمضان؟
الجواب: ( قد اختلف العلماء في ذلك، والصواب أن المشروع تقديم القضاء على صوم الست، وغيرها من صيام النفل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر » [خرجه مسلم في صحيحه].
ومن قدم الست على القضاء لم يتبعها رمضان، وإنما أتبعها بعض رمضان، ولأن القضاء فرض، وصيام الست تطوع، والفرض أولى بالاهتمام).
[مجموع فتاوى الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز:5/273].

وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: هل صيام الأيام الستة تلزم بعد شهر رمضان عقب يوم العيد مباشرة، أو يجوز بعد العيد بعدة أيام متتالية في شهر شوال أو لا ؟
الجواب: (لا يلزمه أن يصومها بعد عيد الفطر مباشرة، بل يجوز أن يبدأ صومها بعد العيد بيوم أو أيام، وأن يصومها متتالية أو متفرقة في شهر شوال حسب ما تيسر له، والأمر في ذلك واسع، وليست فريضة بل هي سنة).
[فتاوى اللجنة الدائمة: 10/391 فتوى رقم: 3475].

وسئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -: بدأت في صيام الست من شوال، ولكنني لم أستطع إكمالها بسبب بعض الظروف والأعمال، حيث بقي عليّ منها يومان، فماذا أعمل يا سماحة الشيخ، هل أقضيها وهل عليّ إثم في ذلك؟
الجواب: (صيام الأيام الستة من شوال عبادة مستحبة غير واجبة، فلك أجر ما صمت منها، ويرجى لك أجرها كاملة إذا كان المانع لك من إكمالها عذرٌ شرعيٌ ، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : « إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً » [رواه البخاري في صحيحه]، وليس عليك قضاء لما تركت منها. والله الموفق)
[مجموع فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز: 5/270].


وهذه المواسم تمرّ سريعاً، فعلى المسلم أن يغتنمها فيما يعود عليه بالثواب الجزيل، وليسأل الله تعالى أن يوفقه لطاعته..

والله ولي من استعان به، واعتصم بدينه..

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلِّم..
,
,




من موقع :
رسول الله
rasoulallah.net








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق